المكلا (حضارم اليوم)استطلاع / نوال سالم
تعد ظاهرة التسوّل من أبرز الشواهد السلبية التي تعاني منها العاصمة عدن، حيث ازدادت هذه الظاهرة بعد نزوح الآلاف من الأسر من المناطق اليمنية جراء الحرب لتتخذ من التسول مهنة تحت ذريعة العوز والفقر والنزوح، وسط صمت منظمات المجتمع المدني والحكومة في اتخاذ التدابير الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لعمل حلول مناسبة لهذه المشكلة التي تتحمل أعباءها العاصمة عدن وسكانها.
“4مايو” تسلط الضوء على ظاهرة التسول في سياق التقرير التالي:
وأنت تسير بشوارع العاصمة لا بد أن يسترعي انتباهك تجول العديد من الأطفال والنساء، بل والعائلات، ووقوفهم تحت أشعة الشمس الحارقة للاستجداء والتسوّل من المارة وبمنظر عشوائي يسبب الحرج للمواطنين ويضع علامة استفهام من واقع تنامي وتوسع هذه الظاهرة خلال الفترة الحالية.
إحدى المتسولات – في الثلاثين من عمرها – قالت: “أعيش مع أسرة كبيرة مكونة من ستة أولاد، وزوجي معاق لا يستطيع الحركة وليس لديّ عمل، مما اضطرني إلى مد يدي للتسول من أجل أن أوفي الاحتياجات الأساسية لأسرتي وما أحصل عليه من مال لا يكفي وخاصة مع ارتفاع الأسعار”.
بينما تروي متسولة أخرى قصتها قائلة: “أعيش مع أبنائي الستة، ولقد تطلقت منذ سنوات، تخلت عني أسرتي المكونة من وإخواني، وقاموا بوضعي في منزل صغير وتركوني بالعراء، منزل دون أبواب ونوافذ وسقف، ليس لدي مصدر آخر للدخل ليغطي مصاريف أطفالي، لذا أخرج كل يوم للتسول والاستجداء لأشتري لأطفالي الغذاء”.
-تسول النازحين
ظاهرة التسول في العاصمة عدن ليست وليدة اللحظة لكنها مشكلة تفاقمت وبرزت مع نزوح الآلاف إلى العاصمة الجنوبية عدن من تعز وحجة وإب جراء الحرب المستعرة تحت ذريعة العوز والفقر والنزوح، حيث بلغ عدد المتسولين في عدن فقط كثر من ألفي متسول أغلبيتهم من المناطق الشمالية التي تقطعت بهم سبل العيش في عدن بالحصول على أعمال تؤمن لهم احتياجات الغذاء اليومية والمسكن.
-عصابات التسول
ظاهرة التسول وإن كانت نتيجة الفقر للبعض إلا أنه لا يمنع أن يتخذها البعض مهنة للتربح السريع، حيث أفادت إحدى المتسولات التي تعمل بإحدى المستشفيات أيضا أنها تعمل بدوامين، دوام صباحي في المستشفى وآخر في التسول، قائلة: “أربح من التسول ما يعادل 7 ألف ريال في اليوم الواحد بينما عملي في المستشفى يوفر لي راتبًا شهريًا يصل إلى 30 ألف ريال”.
واتخذ البعض من الأطفال النازحين المنتشرين في شوارع عدن فريسة سهلة في استغلالهم في التسول كعمل منظم ولتجارة وترويج المخدرات. ففي عملية أمنية لقوات الحزام الأمني في قطاع الشيخ عثمان قبض على عصابة تستخدم الأطفال وتستغلهم للتسول في العديد من في شوارع العاصمة عدن.
وبحسب بيان صادر لقوات الحزام الأمني فإن قوة داهمت أحد الفنادق في منطقة الهاشمي بمديرية الشيخ عثمان، لتكشف بعد ذلك التحقيقات الأولية أن أفراد العصابة والأطفال من النازحين من المحافظات اليمنية الشمالية، ويتم استخدامهم في امتهان التسول بانتظام.
كما أضاف البيان أن القوة قبضت على ثلاثة وعشرين شخصا من أفراد العصابة.
-وقفة جادة
تقول أروى أحمد (مواطنة): “أكثر ما يحز في نفسي هو انتشار الأطفال واستغلالهم للتسول. الظاهرة زادت عن حدها ولا بد للدولة من اتخاذ التدابير اللازمة للحد من هذه الظاهرة، صحيح التسول في عدن كانت موجودة لكن الآن بوجود النازحين هنا ازدادت الظاهرة ولا بد من وقفة جادة”.
قصور اقتصادي
أما المواطن أمين محمود قال: “ظاهرة التسول ثقافة دخيلة على المجتمع؛ لأن ديننا الإسلامي يحث على العمل، ولذا فإن المشكلة تتعلق بجانبين جانب المتسول والذي عادة ما يمارس التسول وسيلة للرزق دون وجه حق أو التربح السريع وجانب آخر متعلق بالدولة وممارستها السياسية والاقتصادية القاصرة تجاه المواطنين عادة في توفير الأعمال وثقافة التكافل الاجتماعي”.
-حكومة التسول
ويقول الأخ نياز علي: “طبعًا هناك تسول للمواطنين في عدن جراء الغلاء وقلة مصادر الدخل سيمتهنون التسول نتيجة الفقر والعوز، ولتعلم الحكومة أنها هي من بدأ التسول التي رضت على نفسها أن تعيش في فنادق الرياض وتنفق ما تستلمه من معونات للشعب، فلماذا إذن نستنكر أمر التسول؟”.
-المهمشون والتسول
الأخت حورية تقول: “التسول عادَة وليست حاجة، وقد كنت في سنوات مضت جارة لبعض العائلات المتسولة من المهمشين في عدن، والتسول لدى المهمشين ليست للحاجة بل عادة متأصلة تتوارثها الأجيال ومهنة لتوفير متطلبات عيش منها، وتناول القات بصفة يومية”.