سيئون(حضارم اليوم )كتبه /د.عبود التميمي
من الجميل إنشاء مرجعية قَبَلية مُوحّدة إستناداً على مبادرة طيّبة لتحالفات قَبَلية بين بعض وُجهاء و مشائخ العشائر والقبائل الحضرمية الشامخة التي تعيش في نطاق جغرافي معين من أرض حضرموت بهدف نزع فتيل الصراعات القبلية المُحتملة وفقاً للأعراف القبلية السائدة ولكن لا يعني ذلك -مع مرور الوقت- أن تنتحل تلك التحالفات القبلية الهوية السياسية وتحاول جاهدةً إرتداء جِلباب المكونات السياسية المؤسسية المدنية ذات البرامج الاستراتيجية المتنوعة و الشعبية الجماهيرية الجارفة ، مالم تسعى أولاً إلى إستكمال بناء ذاتها داخلياً وفقاً للأُسس المُتعارف عليها في أبجديات علم السياسة و نظرياتها و تطبيقاتها.
لأنه ببساطة الإستمرار في المُضي قُدماً نحو محاولات إختزال و مصادرة أصوات و قرار جموع الملايين من الغالبية الساحقة لأبناء حضرموت (٢ مليون و ٣٠٠ ألف حضرمي) دون الإستناد إلى مُكّون سياسي عتيد ذو بُنية هيكلية مؤسسية قانونية صلبة ، يحتمي ببرنامج سياسي قوي و متكامل ناهيك عن إستناده إلى قاعدة و حاضنة شعبية متينة و إلتفاف شعبي جارف من قِبل مختلف شرائح أبناء حضرموت هو تماما مثل محاولة دفع تلك التحالفات القبلية إلى هاوية الإنتحار الذاتي المُبكّر.
بعيداً عن المناكفات وإستناداً إلى أبسط أبجديات النظام السياسي المدني و نظرياته و تطبيقاته دعونا نسلّط الضوء على بعض ممايلي .
مرجعية قبائل حضرموت الوادي و الصحراء هو تحالف قبلي و ليست حزباً سياسيا مُعلناً بالمفهوم و السياقات القانونية وفق الدستور اليمني ، المرجعية لا تزال لا تمتلك أُسس تنظيمية هيكلية أساسية واضحة لبُنيته الداخلية ككيان سياسي متكامل وشامل لكافة أطياف الفيسفساء الحضرمية ، لا تزال تفتقر إلى تنوع الكوادر البشرية المؤهلة في مختلف المجالات ، كما أنها منذ إنشاءها لم تُبادر بممارسة أي أنشطة سياسية تُذكر وفقاً لبرنامج سياسي مُحدد الملامح ، حيث لا توجد لها نظاماً داخلياً يعكس الموقف و الأيدلوجية الفكرية الإستراتيجية للمرجعية محلياً و أقليمياً و دولياً في بلد مُلتهب تتجادفه أمواج الصراعات الفكرية و الطائفية و المناطقية ممزوجة بالصراعات الإقتصادية و العسكرية و التجاذبات الإقليمية.
علاوة بأنها لم ولا تمتلك أي برامج سياسية و إجتماعية و إقتصادية شاملة لكافة أطياف اللون اليمني ناهيك عن اللون الحضرمي المترامي على أرض الأحقاف الشاسعة حتى يستطيع الإنخراط في مُعترك النضال المدني السياسي.
مرجعية قبائل الوادي و الصحراء لم تُولد من القاعدة حيث السواد الأعظم و الغالبية الساحقة من أبناء حضرموت المطحونين جوعاً وفقراً و مرضاً ، ولم تتشكل من رَحِم مشروعية جماهيرية نابعة من زخم الشارع الحضرمي المترامي على إمتداد جغرافيته المكانية و السكانية الشاسعة سواء بالإنتخاب أو التصويت و التزكية المباشرة.
كما أنها ليست كيانا ثورياً فرضته ظروف إستثنائية لمرحلة تتطلب تغيير نظام الدولة ، ولم تكن نتاجاً لمخاض هيجان شعبي واسع في أوساط أبناء حضرموت قاطبة للمطالبة بتغييرات جذرية سياسية و إقتصادية و إجتماعية ضمن نسيج المجتمع الحضرمي ، بل وُلدت كنتيجة لتحالف و تفاهمات شخصية بين بعض الوجاهات و الشخصيات القبلية ، فمن ذا الذي يستطيع أن يُجيز للمرجعية مشروعية الحديث بلسان و نيابة عن الملايين من أبناء حضرموت..؟!!
على النقيض تماما “فالمرجعية” منذ إنشائها لم تُكلّف نفسها عناء إغتنام العديد من الفرص التي أُتيحت لها لكسب الرأي العام الحضرمي من خلال القيام بمبادرات و أدوار محورية للتواجد بقوة على الساحة الحضرمية أثناء الأزمة الإقتصادية القائمة وفي ظل إنعدام الخدمات الأساسية التي كانت ولا تزال تهشّم عظام الغالبية العُظمى من أبناء حضرموت بلا هوداة ولا رحمة.
مرجعية قبائل الوادي و الصحراء لم تسعى قط حتى مجرد محاولة الضغط على صُنّاع القرار السياسي أولئك المتحكمّون الفعليون بأرض حضرموت ، أولئك الجاثمون فوق ثرواتها و المتنعمون من خيراتها للمساعدة في إيقاف ولو جزء من ألآلآم و أوجاع أبناء حضرموت ولو من باب إثبات حضورها في الأوقات العصيبة بين أوساط المجتمع الحضرمي ، بل عوضاً عن ذلك نأت المرجعية بنفسها بعيداً عن كل هذه الأزمات في صمت غريب و مُريب و مشبوه وكأنها تتواجد في “بوركينافاسو” وليس في حضرموت..!! ناهيك عن عدم تجرأ “المرجعية” على مجرد محاولة التدخل ولو بإستحياء للحد من إنهمار نزيف الدماء الحضرمية في مسلسل الإغتيالات الدموية التي تطال أبناء الوادي و الصحراء في ظل الغياب التام للأمن و الأمان الذي لا يزال شبحه يُخيّم على أرض حضرموت الطاهرة ويحصد جماجم أبناءه بلا هوادة حتى يومنا هذا.
للأسف لقد تم تعرية المرجعية و تم فضح عجزها و ضُعفها فظهرت سوءتها و عورتها للجميع حتى أصبحت المرجعية محطاً للتندّر و السخرية و تبادل النكتة بين أوساط الغالبية الساحقة من أبناء حضرموت.
مرجعية قبائل الوادي و الصحراء ومن مُسماها يتضح بجلاء بأنه لن تخرج عن كونها تحالفاً قبلياً يتمحور دوره في حل قضايا النزاعات و الصراعات القبلية التي قد تنشأ بين بعض الأفراد أو القبائل ، وحتى ذلك الدور القبلي يقتصر في حدود نطاق الوادي و الصحراء فقط ولا يتعداه إلى ماتبقى من أرض الأحقاف الشاسعة بواديه و صحرائه و ساحله.!!
فلماذا تُصر “المرجعية” على الموافقة بأن يتم الزج بها من قِبل المتحكمون بمقاليد الحكم في حضرموت في أتون صراعات داخلية مع أطياف المجتمع الحضرمي..؟!
القفز فوق الواقع لا يحل الأزمات